29‏/10‏/2010

عذراً أنتِ ... مطلقة



منذ فترة وجيزة حضرت زواجاً لأحد الأصدقاء ، كان الجميع في بهجة وفرحة وسرور ،
 والسعادة تملأ الأجواء على كل الثغور ، يسألني أحدهم .. وما الريب في ذلك !
أجيبه من فوري .. لقد كانت زيجته الثانية بعد تطليقه لزوجته الأولى ..
كنت في أركان الفرح أستمع إلى الأقاويل من هنا وهناك تشدوا بشجاعة هذا العريس
 وأنه رجل من الرجال القلائل وأنه الفارس المغوار الذي لا يشق له غبار
لمجرد أنه تزوج مرة أخرى .. وما في ذلك ضير ؛
ولكن .. الذي جعل الموضوع مختلف عندي بعض الشيء أنني سرحت بخيالي
ورحت أبدل الأماكن والأشخاص ، تساءلت في نفسي :
 ترى ماذا لو كان هذا الفرح لامرأة مطلقة وتتزوج بالثاني وليس لرجل ..!!
ترى هل سنرى كل هؤلاء المدعوين ؟ هل سنرى كل هذه البهجة والسرور ..!!
هنا جلت بفكري إلى خارج أسوار الزفاف ..
وإلى كارثة باتت تهدد مجتمعنا وهي ارتفاع نسبة الطلاق ،
 فكم من فتاة في ريعان شبابها تعيش تحت مسمى ( مطلقة )ولا يقف الأمر عند هذا الحد ،
 بل تجد النظرة السلبية من كثير من أفراد المجتمع تجاه المرأة المطلقة ،
 إذ يصفونها بأنها فاشلة لم تستطع بناء أسرة وبيت ،
 لم تستطع أن تعرف كيف تحافظ على زوجها ! كيف ترضيه ! كيف تسعده !
وبعد أن تحصل على رتبة ( مطلقة ) تجد الأعين كلها تتجه عليها ،
 وتبدأ الظنون الشيطانية ، ويذهب خيال الكثيرين لأبعد من ذلك ليجول الشيطان في عقولهم
 فتخرج فكرة تقول أنها الآن أصبحت متاحة للجميع فلا شيء يعرقل أن تتنقل من هذا لذاك –
كما كان قبل زواجها - ..
 وإذا ما أرادت أن تجنب نفسها المحرمات وتستتر بستر الزواج نادراً ما يتقبلها أي أحد
إلا من كان بنفس رتبتها ، فكم مرة سمعنا عن شاب أعزب تزوج بفتاة مطلقة ؟
 نادرة من النوادر حدوث ذلك .
 بل إنني – مع الأسف – سمعت مرة عن امرأة تزوجت مرتين بعد تطلقيها أنها بذلك إنما تتنقل بين أحضان الرجال ..!!
برغم أنها تريد أن تعيش مستورة في أحضان الزواج وشرع الله الكريم ..
لا أدري ما سبب هذه النظرة السلبية للمرأة المطلقة ، وما هي الدوافع من ورائها ،
 لماذا في أغلب الأحيان توصف بالفشل ؟ ولا يرتجي من ورائها الخير وكأنها أصبحت مجرمة ..
لقد حاولت أن أجد إجابة مقتنعة لذلك فبحثت في تاريخنا الإسلامي وفي قيمنا العربية الأصيلة ،

رجعت إلى زمن الأصفياء فوجدت شيئاً عجيباً ،
 وجدت أن كثيراً من أبناء الصحابة كانوا إخوة رغم اختلاف آبائهم ،
 وذلك بسبب أن أماً واحدة جمعتهم تزوجت بأكثر من زوج ..
 بل .. إن الرجال كانوا يتدافعون لكي يحظوا برضاها وقبول الزواج منهم .. فأين هذه القيم اليوم ..!!
أستطيع أن أقول : إن الموضوع متشعب ويدخلنا في مواضيع أخرى
 تحتاج كلها إلى علاج جذري وسريع حتى ننقذ المجتمع من ويل قد اقترب ،
 وحتى نحافظ على كيان المرأة العمود الأساسي لأي مجتمع يريد أن يعيش بطمأنينة وسلام ،
 لأننا إذا ما استمرينا بهذه الأفكار الهدامة الهاضمة لحقوق المرأة
فإننا بذلك نكون ممن يئد الإناث .. ولكن بأسلوب عصري حديث ..




حلمي القرشي
03-02-2010 01:18 AM